غادة عون تتمرّد... والقضاء يردّ: حاولت إظهار نفسها ضحية.
خطوة غير مسبوقة في تاريخ القضاء اللبناني، قامت بها القاضية غادة عون أمس، في تسجيل رفضها قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات القاضي بكفّ يدها عن الملفات التي في حوزتها، علماً أنّ عويدات هو رئيس النيابات العامة، ومفوَّض في الأساس من أعلى هيئة قضائية هي مجلس القضاء الاعلى، لاتخاذ إجراءات في حق القاضية عون.
أثار تصرّف القاضية عون أمس استياء لدى الرأي العام اللبناني، ولدى الجسم القضائي، خصوصاً أنّها من المفترض أن تكون من القضاة الذين يكافحون الفساد والفاسدين، فلم تحترم لا القانون ولا الاصول، وضربت هيبة القضاء اللبناني ومجلس القضاء الاعلى.
يُذكر انّه بعد الاجتماع الاخير لمجلس القضاء الأعلى، الذي أكدّ خلاله الحق المطلق وسلطة النائب العام التمييزي وهيئة التفتيش القضائي بضرورة اتخاذ ما يريانه من إجراءات اناطها بهما القانون في حق القاضية عون، احتراماً للعمل المؤسساتي وحفاظاً على سمعة القضاء والجسم القضائي وهيبتهما، أصدر عويدات قراراً قضى بتعديل قرار توزيع الاعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، بحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون ان يلحظ القرار اسم القاضية عون، وقاضيين آخرين سبق للمجلس التأديبي للقضاة ان كفّ يديهما عن العمل، وذلك بناءً على مداولات مجلس القضاء الأعلى، خلال إجتماعه في 13 الجاري، حيث قرّر الطلب من عويدات ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، إتخاذ الإجراءات في حق القاضية عون، وذلك ضمن إختصاص كل منهما. ودعاها الى الحضور امامه للإستماع اليها على خلفية أدائها والشكاوى المتعددة المقدّمة ضدّها والمتعلقة بمجمل نطاق عملها القضائي.
وأشار عويدات في قراره، الى انّه تُحال الملفات في الجرائم غير المشهودة الى القضاة الثلاثة من المحامين العامين الذين حصر بهم الأعمال، محدّداً الجرائم الاخرى التي ينظر فيها كل قاض من القضاة الثلاثة، على ان يتمّ الإبلاغ الى النائب العام التمييزي عن الجرائم الخطرة.
ورفضت عون الاستماع إلى رأي أي ممن واجهوها من المحامين، وحاول محامي شركة «مكتف» ألكسندر نجار التواصل معها، ولفت انتباهها الى أنّ ما تفعله غير قانوني، خصوصاً بعد قرار عويدات بكفّ يدها عن هذه الملفات، وحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، هم سامر ليشع وطانيوس الصغبيني وسامي صادر، من دون أن يلحظ القرار اسمها، ما يعني أنّها باتت بلا صلاحيات في هذا الملفّ. وبالتالي فقد انتقل ملفّ الصيرفة إلى يد القاضي ليشع، ومعه كلّ الملفات المالية، كمحامٍ عام في جبل لبنان.
رفضت عون كلام نجار، وأصرّت على البقاء، محاولة الحصول على «داتا» الشركة بالقوة، كذلك رفضت الخروج من الشركة على الرغم من الاتصالات من أعلى المراجع القضائية.
وعُلم أنّ المديرية العامة لأمن الدولة سحبت لاحقاً عناصرها المرافقين للقاضية عون، بعد اتصال مرجع قضائي كبير بها، في اعتبار عون بلا صلاحيات في الملفّ. فبقيت عون هي ومرافقَاها، وبضع ناشطين قريبين منها تحت اسم «متّحدون».
ووفق شريط فيديو بثه احد المواقع الالكترونية، وخلال مكوثها داخل مكاتب الشركة، طلبت القاضية عون مؤازرة امنية من أحد الضباط، وقالت له عبر الهاتف: «تعا وانا بغطيك».
وقبيل مغادرة عون مبنى الشركة، تداعى مناصرو «التيار الوطني الحر» إلى مركز «شركة مكتف»، تأييداً ومناصرة لما تقوم به، مطلقين شعارات نابية في حق مكتف. وفي كلمة إلى المعتصمين، قالت عون: «إن عملنا مستمر والقضاء معكم، وأشكركم على دعمكم».
كيف قرأ الجسم القضائي ما قامت به عون؟
مصادر قضائية في النيابة العامة التمييزية قالت لـ»الجمهورية»، انّ القاضية عون «حاولت مواجهة الامر بإظهار نفسها أنّها ضحية سعيها لمكافحة الفساد، وانّ ما قامت به في «شركة مكتف للصيرفة» يصبّ في هذا الاطار».
ولاحقاً، أعلن المكتب الإعلامي لوزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، أنّه «بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع القضائية في الآونة الأخيرة، والتي أدّت إلى ضرب صورة القضاء وسمعته، الأمر المرفوض لأي سبب كان، دعت وزيرة العدل رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس هيئة التفتيش القضائي والنائب العام التمييزي إلى اجتماع طارئ غداً(اليوم)».
وتزامناً، أُفيد انّ مجلس القضاء سيجتمع الثلثاء المقبل للبحث في المواضيع المدرجة على جدول أعماله، ومن بينها مسألة رفض القاضية عون الالتزام بقرار عويدات.
التعليقات على الموضوع