مشاريع الرحاب السكنية

جائحة البطالة تتضاعف بشكل كبير في لبنان!

 


كانت البطالة في لبنان خلال الفترة الممتدة بين العامين 2018 و 2019 بنسبة 11.4%، الا أنها بدأت تشهد تزايداً مع دخول البلاد في تفاقم مؤشرات الركود وعجز ميزان المدفوعات وشح السيولة وتفاقم أزمة الدين العام ثم اهتزاز سعر الصرف وارتفاع التضخّم، وبالتالي بدء ملامح الدخول في أزمة مالية ونقدية انفجرت معالمها في تشرين الأول 2019، فبدأت العملة الوطنية رحلة الإنهيار، جارفة معها معظم القطاعات الإقتصادي، فأقفلت مؤسسات واستعرت البطالة التي سجّلت في كانون الثاني من العام الجاري 29.6%، كما جاء في تقرير حديث صادر عن إدارة الإحصاء المركزي ومنظمة العمل الدولية. ما يعني أن أعداد العاطلين عن العمل تضاعفت نحو 3 مرّات.

إذاً، ثلث القوى العاملة الناشطة كانت عاطلة عن العمل مطلع العام الجاري، وبحسب التقرير ان نسبة 30 في المئة من العاطلين يبحثون عن عمل لفترة تزيد عن سنتين، و19 في المئة لفترة تمتد بين سنة وسنتين، ما يعني أن نحو نصف العاطلين عن العمل في العام 2022 هم من صفوف البطالة الطويلة الأمد التي تزيد عن فترة السنة.

ومعلوم أن نسبة البطالة لدى النساء تفوق الرجال، هذا ما أوردته الدراسات ولفت اليه رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ»نداء الوطن» اذ أشار الى أن نسبة البطالة لدى النساء قد ترتفع الى 60%، مشيراً الى أن البطالة لامست الـ50% بين العاملين والشباب المتخرجين من الجامعات.

التجارة والسياحة الأكثر تضرّراً

وتشمل جائحة البطالة التي تسارعت خلال العامين ونصف العام من اندلاع الأزمة، «أولئك الذين صرفوا من القطاعات كافة وخصوصاً من القطاعين التجاري والسياحي الأكثر تضرّراً من الأزمة»، كما أوضح الأسمر.

فالسياحة أصابها الشلل التام أو شبه التام، فأقفلت الفنادق والمطاعم أبوابها خصوصاً بعد انفجار 8 آب الذي قضى على الحجر والبشر ما أدى الى تسريح العمالة التي لديها، ويأمل الأسمر مع التوقعات «أن يكون موسم صيف 2022 زاخراً بالسيّاح فنستعيد جزءاً كبيراً من العمل السياحي، وأهمها العمالة الموسمية وهم عبارة عن طلاب يعملون في فترة الصيف لتوفير مؤونة أقساطهم الدراسية لفصل الشتاء».

ويضيف: «بحسب التقديرات إن الخدمات السياحية فقدت نسبة 40% من الجهاز البشري أي نحو 120 ألف عامل يعيلون نحو 200 ألف عائلة».

أما المؤسسات التجارية التي راحت تتخبّط وسط الأزمة للمثابرة على البقاء، البعض منها بحسب الأسمر «لم يتمكن من الإستمرار، فأقفل أبوابه لا سيما المحلات في أسواق وسط بيروت التجارية، وأسواق مار الياس وجونيه والجديدة والأشرفية والمزرعة وفرن الشباك»، ما ساهم بتفاقم البطالة ومعها الفقر الذي وصلت نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خطه الى 80 في المئة.

وأدى هذا الواقع المرير في البطالة المستدامة مع عدم بدء أي برنامج إصلاحي من شأنه أن يحسّن الوضع الإقتصادي والإنتاجي وبالتالي المعيشي الى هجرة الشباب الى الخارج.

5 فئات تتعرض للنزيف

وفي هذا السياق قسّم الأسمر النزف الحاصل منذ بدء الأزمة في نهاية العام 2019 لغاية اليوم، الى الفئات التالية:

1- الطلاب الجامعيون الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 22 عاماً: نصف الخريجين البالغ عددهم نحو 200 ألف غادروا البلاد بحثاً عن فرص عمل في الخارج ومستقبل أفضل.

2- الممرضات والأطباء العاملون في القطاع الإستشفائي: وصلت نسبة المهاجرين من الجسم التمريضي الى 40% وتراوحت نسبة الأطباء المهاجرين بين 50 و 60%.

3- العاملون في المعامل والمؤسسات الصناعية التي تدخل ضمن الأعمال الفنية والمهارات: لجأوا الى الهجرة أيضاً بنسبة تراوحت بين 40 و 45%، باعتبار أن أعمال البناء على صعيد المثال توقفت او هي شبه متوقفة ما فاقم البطالة للعاملين في هذا القطاع. حتى أن قطاع المعلوماتية شهد هجرة في صفوف العاملين فيه.

4- موظفو القطاع المصرفي، لهم حصّة أيضاً في البطالة وبالتالي الهجرة. اذ تقلّص عددهم من 27 ألف عامل الى النصف ويجري حديث عن تقليص عددهم الى نحو 10 آلاف عامل، أي بانخفاض تراكمي نسبته 65%.

5- موظفو القطاع التربوي لا سيما الأساتذة يطالهم الغبن أيضاً في القطاعين الرسمي والخاص. فسلسلة الرتب والرواتب لم تشمل القطاع التربوي الخاص ولا حتى الزيادات التي حصلت، ما فعّل النزف نحو الدول العربية وتركيا بسبب إنشاء مدارس في البلاد لاستيعاب النزوح السوري والحاجة الى مدرسين في اللغة العربية.

ولتحسين راتب الإستاذ تمّ إنشاء صندوق في المدارس الخاصة بالدولار الأميركي يسدّد جزء منه للأساتذة. وتتراوح القيمة التي يتم ايداعها عن كل ولد بين 200 وألف دولار وحتى أكثر. وبالنسبة الى زيادة الـ1.325 مليون ليرة فبعض المدارس اعتمدتها وأخرى لا لغاية اليوم.

موظفو القطاع الصناعي… متماسكون

وبالنسبة الى العاملين في القطاع الصناعي، أكّد الأسمر أن «هذا القطاع هو الوحيد المتوازن في ظلّ نمو بعض الصناعات أهمّها الغذائية والدوائية. وصناعات مواد التعقيم ازدهرت بدورها، وأعيد إحياء صناعات الألبسة والأحذية، اما صناعات مواد النايلون والورق فاحتلت مكانها الطبيعي.

وبالنسبة الى صناعات مواد البناء تراجعت كثيراً لا سيما تلك المتعلقة بالدهانات والألومنيوم والأخشاب بسبب عدم وجود ورش عمل.

زيادات لجنة المؤشّر

لكن هل الزيادات التي أقرّتها لجنة المؤشر ستحسّن وضع العامل وتحدّ من موجة ترك العمل والهجرة؟

طبعاً تلك الزيادات لن تحدّ من الهجرة في ظلّ انعدام الثقة بالبلاد وعدم توقيع اتفاق مع صندوق النقد العالمي، والمباشرة بالإصلاحات، ولكن ستحدّ من تفاقم الفقر، الذي لا يعرف حدوداً مع اتجاه الدولار الصعودي وانهيار العملة ومعها القدرة الشرائية، فالحد الأدنى للأجر يجب في وضعنا الراهن ألا يقلّ عن 5 ملايين ليرة كي لا يقع أي مواطن على خطّ الفقر بل دونه.

وحول الزيادات الى أقرّتها لجنة المؤشر التي يرأسها وزير العمل مصطفى بيرم، يذكر أنه منذ شهر تم إصدار مرسوم بزيادة 1.325 مليون ليرة على الأجر الذي هو دون الـ4 ملايين ليرة، ما يعني رفع الحدّ الأدنى من 675 ألف ليرة الذي هو يقلّ عن سعر صفيحة بنزين الى مليوني ليرة، استتبعتها يوم الجمعة المنصرم زيادة بقيمة 600 ألف ليرة على الراتب الذي هو دون الـ5 ملايين ليرة، ما يرفع الحدّ الأدنى المسجّل في الضمان الى 2.600 مليون ليرة لبنانية.

هذا الأمر سيزيد مدخول الضمان الإجتماعي من اليوم ولغاية نهاية السنة أي لفترة 6 اشهر نحو 800 مليار ليرة، اذ سترتفع نسبة إشتراكات الضمان من 2.5 مليون ليرة الى 5 ملايين ليرة، باعتبار أن الضمان يقتطع نسبة 23.5% إشتراكات مرض وأمومة وتعويضات نهاية خدمة وتعويضات عائلية، ما سيؤدي الى رفع الضمان تعرفة الإستشفاء 4 أضعاف بعد أن بات يغطي نسبة 10% بدل 90% من الفاتورة الإستشفائية.

القطاع العام

هذا بالنسبة الى القطاع الخاص، أما بالنسبة الى القطاع العام الذي يسجّل إضراباً منذ نحو أسبوع فقد تمّ التوافق خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على دفع المساعدات الإجتماعية وهي عبارة عن نصف راتب لا تقلّ عن 1.500 مليون ليرة ولا تزيد عن 3 ملايين ليرة تودع في المصرف، على أن يسحبها الموظف بالدولار الأميركي وفق سعر «صيرفة».

اذاً نزف البطالة المستمرّ ودولرة الأمر الواقع، دفعا قوى الإنتاج الى اتخاذ إجراءات من شأنها أن تسند العامل لديها بهدف الصمود والبقاء في عمله والمحافظة قدر المستطاع على ما تبقى من الكفاءات وأصحاب الخبرات في البلاد.

هناك سلسلة من المطالب للإتحاد العمالي العام مثل رفد تعاونية الموظفين بـ500 مليار ليرة من خلال قانون معجل مكرّر للتمكن من أداء التعاونية واجباتها تجاه المنتسبين اليها، وكذلك الأمر بالنسبة الى قوى الأمن الداخلي للناحية الإستشفائية، أما العسكريون فيجب ضمن الموازنة إقرار زيادة لهم لا تقلّ عن 2 مليون ليرة ولا تزيد عن 6 ملايين ليرة.

من جهته أكّد مدير عام الضمان الإجتماعي د. محمد كركي لـ»نداء الوطن» أن أكثر من 60 ألف أجير تركوا عملهم منذ بدء الأزمة المالية والإقتصادية في البلاد، ما يعني أن نحو 220 ألف مواطن من أجراء وأفراد عائلاتهم باتت من دون تغطية الضمان.

وبذلك تراجع إجمالي الذين كانوا يستفيدون من الضمان من 1.620 مليون مستفيد في نهاية العام 2019 الى 1.400 مليون مضمون مع أفراد عائلاتهم في نهاية العام 2021. ويعوّل كركي على إقتراح القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي وإنشاء نظام تأمين ضد البطالة الذي يدرس لدى اللجان النيابية، والمقدّم من النائبين طوني فرنجية وبلال عبدالله لدعم العاطلين عن العمل الذين تفاقم عددهم بعد جائحة كورونا والأزمة المالية التي أدت الى صرف المؤسسات الكثير من عمالها.


ليست هناك تعليقات