مشاريع الرحاب السكنية

"2025" تسجّل أعلى درجات حرارة في تاريخ الأرض.. هل تجاوزنا نقطة اللاعودة؟


 


في تطور مناخي خطير وغير مسبوق، ومع توالي التحذيرات الدولية بشأن ارتفاع درجات الحرارة على الكوكب إلى مستويات قياسية، أطلق فادي غانم، رئيس اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة – لبنان، ورئيس جمعية "غدي"، بيانًا تحليليًا شاملًا، اعتبر فيه أن "الكوكب يختنق"، مشددًا على أن تداعيات التغيّر المناخي لم تعد نظرية بل واقع ملموس يهدد الأمن الغذائي والمائي والصحي، وخصوصًا في منطقتنا العربية ولبنان.


ودعا غانم إلى تعبئة بيئية شاملة، معتبرًا أن ما يشهده العالم في عام 2025 يُشكل لحظة حاسمة من تاريخ البشرية، تتطلب تحركًا سريعًا ومدروسًا على كافة المستويات، من السياسات العامة إلى التغيير السلوكي الفردي.


وأشار في بيانه إلى ضرورة تعزيز دور الإعلام البيئي المستقل، وتفعيل مبادرات الوزارات المعنية، ولا سيما وزارتي الزراعة والبيئة، في إطار التصدي الوطني للمخاطر المناخية. كما سلط الضوء على دور اللجنة الوطنية لـ IUCN في دعم الاستراتيجيات البيئية وتطوير الشراكات العلمية والمجتمعية.


ويندرج هذا البيان في إطار الجهود الوطنية والدولية التي يُسهم فيها غانم من موقعه في الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، ومن خلال منصة "غدي نيوز"، التي تُمثّل نموذجًا رياديًا في الإعلام البيئي المتكامل في لبنان والمنطقة.


وفي ما يلي نص الكامل للبيان:


الكوكب يختنق: درجات حرارة قياسية تهدد الأمن الغذائي والمائي.


موجات حرّ قاتلة تضرب أوروبا وآسيا وأميركا: أزمة صحة عامة عالمية.


لبنان والمنطقة العربية أمام تحديات مناخية غير مسبوقة.


ماذا بعد؟ وكيف نواجه الانهيار البيئي؟


التحوّل المناخي بلغ مستويات قياسية: تحذير علمي أم إعلان حالة طوارئ كوكبية؟


قال رئيس اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة – لبنان، ورئيس جمعية "غدي" فادي غانم في بيان، أن التحوّل المناخي بلغ مستويات قياسية، فبحسب تقارير علمية صادرة عن الأمم المتحدة وخدمة "كوبيرنيكوس" الأوروبية، فإن النصف الأول من عام 2025 هو الأشدّ حرارة على الإطلاق منذ عام 1850، تجاوز متوسط الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية فوق المعدلات ما قبل الصناعية، وهو السقف الذي لطالما اعتُبر الحدّ الأقصى لتفادي الكوارث المناخية الكبرى بحسب اتفاق باريس للمناخ.


وتابع البيان هذه البيانات لا تحمل فقط أرقامًا مقلقة، بل تعني عمليًا:


• تفاقم ذوبان الكتل الجليدية القطبية.


• تغيّر أنماط الطقس المتطرفة: أعاصير أكثر عنفًا، جفاف ممتد، فيضانات مفاجئة.


• تهديد مباشر للأمن الغذائي العالمي بسبب انهيار سلاسل الإمداد الزراعي.


• ضغوط هائلة على مصادر المياه العذبة.


• ازدياد موجات النزوح البيئي بسبب فقدان السكن أو مصادر العيش.


لبنان: مناخ يختل... واقتصاد يدفع الثمن


وأضاف غانم: في لبنان، لم تعد أزمة المناخ نظرية أو مؤجلة، بل بدأت تُترجم على الأرض من خلال تغيرات ملموسة في النُظم البيئية والمناخية. فقد سجلت المناطق الجبلية ارتفاعًا حادًا في درجات الحرارة تجاوز +2.5 درجة مئوية عن المعدلات الموسمية، ما أدى إلى تغيّر مواعيد ذوبان الثلوج وتراجع منسوب الينابيع. كما أظهرت السجلات المناخية انخفاضًا في الهطولات المطرية بنسبة تقارب 25% خلال العقد الأخير، ما فاقم أزمة المياه في بلد يعاني أصلًا من هشاشة البنية التحتية المائية.


تقلّصت مصادر المياه السطحية بشكل مقلق، وازداد الاعتماد على المياه الجوفية غير المتجددة، مما ينذر بانهيار طويل الأمد للمنظومة المائية الوطنية. وفي موازاة ذلك، تشهد البلاد سنويًا أكثر من 150 حريقًا كبيرًا في الغابات، وسط ازدياد غير مسبوق في امتداد موسم الحرائق وحدة الحرائق الناتجة عن الجفاف والإهمال وغياب أنظمة الإنذار المبكر.


واشاد غانم بدور وزارتي الزراعة والبيئة اللنين تسجلان حضورًا بارزًا في رسم وتطبيق استراتيجيات تكيف وطنية متكاملة، تعتمد على المعرفة العلمية، والتخطيط المناخي، وإشراك المجتمعات المحلية.


وزارة الزراعة: على خط المواجهة المناخية


وتابع غانم في بيانه: أطلقت وزارة الزراعة اللبنانية سلسلة من المبادرات المترابطة تحت مظلة الزراعة المستدامة والذكية مناخيًا، من أبرزها:


• تطوير برامج الإرشاد الزراعي المناخي، لتعزيز قدرة المزارعين على التأقلم مع الظروف الجوية المتقلبة.


• إدخال تقنيات الري بالتنقيط وإعادة استخدام المياه المعالجة للري، للحد من استنزاف المياه.


• تشجيع زراعة الأصناف النباتية الأكثر تحمّلًا للجفاف والحرارة، ضمن استراتيجيات الأمن الغذائي.


• إطلاق حملات وطنية لزراعة الأشجار، وتوسيع الرقعة الخضراء من خلال برامج التحريج المدعومة من شركاء دوليين.


الوزارة أيضًا تُفعّل حاليًا دورها الرقابي والبحثي عبر ربط العمل الميداني بالمعرفة العلمية في مواجهة تغيّر المناخ، بما في ذلك تحسين إدارة المراعي، وتفعيل نظام إنذار مبكر للحرائق.


🔹 وزارة البيئة: من الرصد إلى التخطيط المستدام


واضاف: في المقابل، تضطلع وزارة البيئة بدور تنظيمي وتوجيهي يزداد أهمية في ظل تصاعد المخاطر المناخية. ومن أبرز محاور تدخلها:


• تحديث وتطبيق الخطة الوطنية للتكيف المناخي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.


• إصدار مؤشرات علمية دورية حول جودة الهواء، وتغير درجات الحرارة، وتراجع التنوع البيولوجي.


• العمل على حماية المناطق الطبيعية الحساسة، وإنشاء مناطق محمية جديدة تدعم الوظائف البيئية والموارد المحلية.


• دفع البلديات نحو التخطيط المدني المتكيّف مناخيًا، وإدماج اعتبارات الكربون والطاقة النظيفة في الاستراتيجيات الحضرية.


إلى جانب ذلك، تعمل الوزارة على تعزيز التمويل المناخي للبنان عبر قنوات "الصندوق الأخضر للمناخ" وغيرها، وتكثيف حضور لبنان في المؤتمرات الدولية البيئية والمناخية.


لبنان: حضور فاعل في صلب المنظومة العالمية


وذكر البيان أيضًا أن لبنان يلعب دورًا نوعيًا ضمن منظومة IUCN عبر لجنته الوطنية النشطة، التي تضم نخبة من المؤسسات العامة والخاصة والجمعيات البيئية والجامعات، وتعمل على تعزيز الربط بين العمل البيئي المحلي والالتزامات الدولية.


ويُسجّل الاتحاد عبر أعضائه في لبنان إنجازات ملموسة في مجالات عدّة، من أبرزها:


• زيادة عدد المناطق المحمية وتطوير إدارتها بما يتوافق مع المعايير العالمية، خصوصًا في المحميات الطبيعية والبحرية ومناطق "الحمى".


• إطلاق برامج لحماية الأنواع المحلية المهددة، والأنواع النباتية النادرة.


• دعم المجتمعات المحلية في المناطق الريفية والجبلية لتبنّي إدارة مستدامة للموارد الطبيعية، عبر مقاربات تشاركية.


• تدريب كوادر بيئية وطنية، وتعزيز القدرات البحثية والعلمية لمواجهة تحديات التغير المناخي، من خلال شراكات مع الجامعات اللبنانية.


• المساهمة في صياغة السياسات البيئية الوطنية، بالتنسيق مع وزارتي البيئة والزراعة، وربطها بأجندات التنمية المستدامة وتغير المناخ.


كما أن الاتحاد، من خلال أعضائه المحليين والدوليين، يدعم الجهود لخلق شبكات إيكولوجية متكاملة تمتد من البحر إلى الجبل، وتسهم في حماية خدمات النُظم البيئية الأساسية: من الهواء النظيف والمياه، إلى الزراعة والصحة العامة.


الإعلام البيئي: سلاح التغيير ومحرّك الوعي الجماهيري


وتوقف غانم عند الإعلام البيئي، معتبرًا إياه شريكًا أساسيًا في مواجهة التحديات المناخية المتفاقمة، فهو لم يعد مجرد وسيلة لنقل المعلومة، بل شريكًا في التغيير البيئي والاجتماعي، يُسهم في بناء رأي عام واعٍ وضاغط، وفي دعم السياسات البيئية الوطنية والدولية.


الإعلام البيئي المتخصص هو الضمانة لربط العلم بالمجتمع، وهو القادر على:


• كشف الحقائق العلمية وتبسيطها للمواطنين وصانعي القرار بلغة واضحة وموثوقة.


• مراقبة أداء الحكومات والمؤسسات في تنفيذ التزاماتها البيئية والمناخية، وتعزيز الشفافية.


• تحفيز المجتمعات نحو أنماط سلوك مستدامة، سواء في الاستهلاك أو إدارة النفايات أو حماية الموارد الطبيعية.


• دمج البيئة في السياسات العامة، وربطها مباشرةً بقضايا الاقتصاد، والصحة، والطاقة، والعدالة الاجتماعية.


ورغم اتساع التغطيات البيئية حول العالم، لا تزال المنطقة العربية تعاني من فجوة في الإعلام البيئي المتخصص والمستقل، ما يستدعي أجندة إعلامية جديدة تُخرج البيئة من الهامش إلى صدارة النقاش السياسي والاقتصادي والاجتماعي.


غدي نيوز: ريادة لبنانية في الإعلام البيئي المستدام


وتابع البيان: من لبنان، تشكل جمعية غدي ومنصتها الرقمية "غدي نيوز" نموذجًا رائدًا في الإعلام البيئي المتكامل، الذي يجمع بين الصحافة العلمية، والتواصل المجتمعي، والدعوة إلى التغيير السلوكي. فالموقع لا يكتفي بنقل الخبر، بل يُنتج محتوى متخصصًا، يعكس التداخل بين البيئة والتنمية، ويُسهم في رفع الوعي البيئي لدى مختلف الفئات، من الطلاب إلى صناع القرار.


تُعرف "غدي نيوز" كأول منصة HimEcoMedia في المنطقة – أي إعلام بيئي حيوي مرتبط بمفهوم "الحمى"، ويهدف إلى تعزيز الانتماء إلى الطبيعة والموارد المحلية، وإعلاء صوت المجتمعات التي تحمي بيئتها من خلال المبادرة والعمل.


وتقوم الجمعية من خلال هذه المنصة بـ:


• إنتاج تقارير وتحقيقات علمية موثوقة حول تغير المناخ، التنوع البيولوجي، والسياسات البيئية.


• مواكبة النشاطات البيئية الوطنية والإقليمية والدولية، وتسليط الضوء على قصص النجاح والمبادرات المحلية.


• بناء شراكات مع منظمات ووسائل إعلام عربية ودولية لنشر ثقافة البيئة المستدامة.


• دعم التربية البيئية عبر المدارس والجامعات من خلال برامج ميدانية وتفاعلية تربط الإعلام بالتعليم.


لقد بات من الواضح أن الإعلام البيئي المستقل والمتخصص ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية وأداة استراتيجية في التكيّف المناخي والتنمية المستدامة.


وفي هذا الإطار، يُمثّل "غدي نيوز" واجهة معرفية وتوعوية لبنان بحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى، ليكون الإعلام البيئي فعلاً محرّكًا للضمير العام والقرار السياسي والاقتصادي.


الخلاصة: المستقبل ليس مؤجلًا… بل يبدأ من اليوم


وفي خاتمة البيان، شدد غانم على ان ما يحصل ليس مجرد ظاهرة موسمية عابرة، بل تحوّل جيولوجي–بيئي جذري يُغيّر وجه الكوكب كما عرفناه. لم يعد السؤال: "هل سنتأثر؟"، بل: "إلى أي مدى سنتضرر إن لم نتحرّك الآن؟"


ورغم ضخامة التحدي، لا يزال هناك هامش للإنقاذ والعمل، شرط أن تتوافر الإرادة السياسية، والرؤية القيادية، والمعرفة العلمية، والدعم المجتمعي.


نحن اليوم أمام لحظة مفصلية في تاريخ البشرية، وعلى كل طرف أن ينهض بمسؤوليته: الحكومات، القطاع الخاص، الأكاديميون، الإعلاميون، المجتمع المدني… والمواطنون.


لكن التغيير لا يبدأ من القمم والمؤتمرات فحسب، بل من كل بيت، وكل حي، وكل قرار فردي.


نحن بحاجة إلى تحوّل جذري في أنماط حياتنا:


• أن نوفّر في استهلاك الطاقة والمياه.


• أن نُعيد التفكير بطريقة تنقّلنا، وطعامنا، ونفاياتنا.


• أن نزرع، ونحمي، ونحافظ.


• أن نُكيّف مدننا وبيوتنا ومدارسنا مع الواقع المناخي الجديد.


وختم فادي غانم بيانه بالقول: التأقلم مع التغيّر المناخي لم يعد خيارًا… بل ضرورة وجودية.


والمستقبل الأخضر لا يُمنح، بل يُبنى بوعي الناس، وحزم السياسات، وعدالة الانتقال البيئي.


لأن الكوكب ليس خيارًا، بل هو بيتنا الوحيد – ومسؤوليتنا المشتركة.


فلنحمِه... اليوم، وليس غدًا.


ليست هناك تعليقات