الكودينغ والروبوت: لغة العصر وفرصة الإبداع لدى الأطفال
في زمن التحوّل الرقمي المتسارع، لم يعد تعلّم التكنولوجيا ترفاً أو خياراً ثانوياً، بل بات ضرورة لمواكبة العالم وفهمه. الكودينغ (البرمجة) والروبوتك يقدّمان للأولاد أكثر من مجرد مهارات تقنية؛ إنهما يفتحان أمامهم أبواب التفكير النقدي، حلّ المشكلات، والإبداع منذ سنواتهم الأولى.
في هذا الإطار، التقت "النهار" برنا شميطلي، مهندسة ميكانيك ومؤسِّسة برنامج "المهندس الصغير"، وتحدثت إلى حسين حسيني، مؤسس ومدرّب رئيسي في RobotX، للحديث عن أهمية هذه المهارات ودورها في تشكيل وعي الأولاد ومستقبلهم.
لغة جديدة لا غنى عنها
تعتبر شميطلي أنّ الكودينغ "لغة العصر"، وتشبّهه بتعلّم العربية أو الإنكليزية أو الفرنسية، مؤكدة أنه لم يعد ممكناً تجاهلها في التعليم: "الكودينغ يمنح الأطفال القدرة على فهم كيفية عمل الأشياء والتحكّم بها. من خلال أوامر منطقية تعلّم الطفل التفكير بطريقة منظمة لحلّ المشكلات".
وتلفت إلى أن التجربة العملية تمنح الطفل إدراكاً حقيقياً لكيفية عمل التقنيات المحيطة به: "من برمجة روبوت يتحرّك بدقة زمنية محددة، إلى فهم الأجهزة الذكية من حولنا مثل أبواب الكراج الأوتوماتيكية أو أجهزة الاستشعار في السيارات".
من التجربة إلى الابتكار
تشدد شميطلي على أن هذه المهارات تزرع في الأطفال روح الابتكار:
"الطفل يتعلّم تشغيل المحركات الصغيرة وتعديل الكود لإصلاحها، ما يفتح أمامه المجال لتجربة حلول جديدة. بعض المجموعات التعليمية تتيح للأطفال تصميم أكثر من 20 روبوتاً مختلفاً، قبل أن يخوضوا تحديات لصنع ابتكار خاص يحل مشكلة واقعية".
كما تؤكد أنّ العمل الجماعي جزء لا يتجزأ من هذه التجربة: "من خلال التعاون، يتبادل الأطفال الأفكار ويتعلّمون مشاركة الإبداع. هنا تظهر ابتكارات مذهلة".
شراكة بين الإنسان والآلة
من جانبه، يوضح حسيني أن الكودينغ هو ببساطة "اللغة التي نفهم بها الكمبيوتر أو الروبوت"، مضيفاً: "عندما يتقن الطفل هذه اللغة، يصبح قادراً على توجيه الروبوت بأوامر دقيقة، ما يعلّمه التفكير المنطقي والتحليلي".
ويرى أن العلاقة بين الإنسان والروبوت علاقة تكاملية: "المبرمج هو من يمنح الروبوت دوره، وهذا يزيد إنتاجية الإنسان ويجعل عمله أكثر فعالية".
نحو جيل مستعد للمستقبل
يعتبر حسيني أن تعليم الأطفال الكودينغ والروبوتيك لم يعد محصوراً بالمشاريع الرقمية، بل صار مدخلاً لفهم العالم التقني المحيط بنا وتبسيطه: "هذه ليست مجرد ألعاب تعليمية، بل أدوات لبناء شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه، وتوسيع آفاقه نحو الإبداع والابتكار".
خطوة أساسية في التعليم
يتفق شميطلي وحسيني على أن إدماج الكودينغ والروبوتيك في المدارس، بالتعاون مع المراكز المتخصصة، خطوة ضرورية لإعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل. فالتكنولوجيا لم تعد مجرّد وسيلة، بل أصبحت لغة جديدة ينبغي على كل طفل إتقانها، تماماً كاللغات التقليدية.
"النهار"
التعليقات على الموضوع